كتب الطالب سامر الدهون- كلية الصيدلة
بإشراف عميد كلية الصيدلة – جامعة اليرموك أ.د. فاديا مياس
تصدر الأردن ومع بداية القرن الجديد، قائمة الدول من حيث معدلات انتشار التدخين بين مواطنيها على اختلاف فئاتهم العمرية وأجناسه، وتشير الدراسات والإحصائيات إلى أن أكثر من 7- 10 ذكور بالغين في الأردن هو مُدخن بشكل مزمن، كما وتُشير الإحصائيات أيضا إلى ارتفاع نسبة النساء المدخّنات من 10.1% عام 2000 إلى 17% في عام2019 والمؤسف في الأمر أن نسبة المدخنين من الطلاب الذين تتراوح اعمارهم بين 13 و15 عاما، وصلت إلى 24% الأمر الذي يخلص إلى نتيجة مؤسفة وضعت الأردن في مقدمة دول العالم من حيث معدلات انتشار التدخين بنسبة وصلت إلى 41% من إجمالي عدد السكان البالغين .
حاول ويحاول الكثير من المدخنين الاستعاضة عن السيجارة البيضاء العادية بما يسمى بالشيشة (الأرجيلة) ظنًّا منها أنها أقل ضررًا من السيجارة العادية، الأمر الذي نفته تماما دراسات لاحقة، أظهرت أن تدخين الأرجيلة بشكل مزمن يصاحبه ارتفاع في ضغط الدم وتسارع في معدّل ضربات القلب، الأمر الّذي يصاحبه بالعادة ظهور أمراض القلب وجهاز الدوران ، بالإضافة إلى كونها تعرّض الجهاز التنفسي لمخاطر حتمية، فهي تزيد من معدل التنفس مما يؤدي إلى إحداث تغيير فسيولوجي في تكوين الرئة والعضلات المساندة، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة أول أكسيد الكربون، الّذي يعد من أكثر الغازات سميّة للجهاز التنفّسيّ.
ومع تطور أدوت ومستلزمات التدخين، ظهر ما يسمّى بالسيجارة الإلكترونية، والّتي روّج لها على إنها لا تشكّل أي خطر ولا تحمل أي ضرر لصحة الإنسان، وقد لاقت رواجًا هائلًا وانتشارًا سريعًا خصوصًا بين الفئة العمرية الأكثر ضررًا، وهي فئة الأطفال دون ١٨ عامًا والشباب.
يقوم مبدأ السيجارة الالكترونية او ما يعرف بال(ڤيب) على تسخين السائل الموجود في خزان صغير في السيجارة الالكترونية والذي يحتوي على مادة النيكوتين التي تسبب الإدمان، ونكهة مضافة بالإضافة إلى أكثر من ٣٠ مادة كيميائية ثبت معظمها لكونه مضرّ بالصحة، وقد أظهرت إحصائيات قامت بها وزارة الصحة الأردنية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية عام 2019 أن هناك ما نسبته 16.4% من إجمالي المدخنين الأردنيين يستعملون السيجارة الإلكترونية.
وفي دراسة أجريت عام 2020 قام بها باحثون أردنيون وآخرون من دول أخرى، تمت دراسة ومقارنة التأثيرات والتغييرات التي تطرأ على صحة وتكوين القلب لجرذان عُرّضت إلى دخان السجائر العادية، والشيشة (الأرجيلة) والسجائر الإلكترونية لمدة ساعة يوميا على طول شهر كامل، خَلُصت هذه الدراسة إلى أن للسيجارة الإلكترونية الضرر ذاته الذي يصاحب السيجارة التقليدية العادية، حيث أدت إلى ارتفاع في مؤشرات الالتهاب والأكسدة والتليف في أنسجة القلب بصورة أكثر أو على الأقل مشابهة للسيجارة العادية. وجاء تأثير دخان الارجيلة إلى اضرار مشابهة لكل من السيجارة الالكترونية والعادية.
واظهرت بعض الدراسات ان ضرر السيجارة الالكترونية يرجع بشكل رئيسي للسائل المذيب الموجود في السيجارة (بروبيلين غلايكول و غليسيرول) و ليس لمادة النيكوتين أو النكهات المضافة، و ما زالت الدراسات مستمرة للكشف فيما كان النيكوتين أحد أسباب الضرر المصاحب للسيجارة الالكترونية أو كان الضرر يختلف باختلاف الماكينات أو المذيبات الأخرى للسيجارة الالكترونية.
وتحتوي السجائر الإلكترونية أيضا على مواد مسرطنة بكميات مضاعفة لتلك الموجودة في الشيشة والسيجارة التقليدية، وبهذا تكون سببا رئيسيا لسرطان الرئة، أحد أكثر الأورام الخبيثة شهرة وأوسعها انتشارا إضافة لارتباطها بأمراض الربو والتهاب القصبات المزمن وأمراض التحسس والالتهابات في المجاري التنفسية، ولهذا النوع من السجائر الضرر نفسه عند الحديث عن صحة الجلد ونضارة البشرة، كما وأظهرت البحوث أن السجائر الإلكترونية قد تكون سببا كبيرا في تسوس الأسنان وعاملا مهما في صحة الفم واللثة.
أحد المخاوف الرئيسية في مجال الصحة العامة هو زيادة تجربة السجائر الالكترونية بين الغير مدخنين وخصوصا فئة الاطفال والشباب في المدارس والجامعات مما يزيد من فرص الادمان والتحول لتدخين السيجارة العادية.
يطول الحديث عن هذا النوع من التدخين والضرر الّذي يحمله لصحة الجسم بأعضائه المختلفة، حتى أنه في السنوات العديدة الماضية عقب جائحة كورونا، أجريت بعض الدراسات الّتي تظهر وجود احتمالات أعلى للإصابة بعدوى كوڤيد لدى الأشخاص الّذين يستعملون السيجارة الالكترونية، ولكن لا يزال هذا الموضوع محل دراسة.
إذا كنت من المدخنين، ندعوك للتفكير جديا بالتوقف عن التدخين حفاظا على نفسك وصحة من حولك، بالاستعانة بالعلاج النفسي أو الأنشطة الصحية كالرياضة أو مضغ العلكة أو استخدام البدائل الصيدلانية الآمنة للنيكوتين.
